كيف تقوم المدرسة بتبسيط العلوم والخبرات الإنسانية للطلاب؟

محمد ناصر ‏2024-01-03, 22:18 مساء 66
كيف تقوم المدرسة بتبسيط العلوم والخبرات الإنسانية للطلاب؟

المدرسة تلعب دورا هاما في تبسيط ما تقدمه من علوم وخبرات للطلاب. حيث إن واقع الحياة الاجتماعية على درجة كبيرة من التعقيد فأمور السياسة والدين والإنتاج والعلم والعلاقات الإنسانية معقدة ومتشابكة، بحيث يقف الطفل أمامها حائراً مضطرباً لا يستطيع أن يفهمها أو يعللها. فإذا اضفنا إلى ذلك أن الطفل لا يولد بخبرات معينة وإنما هو يكتسب هذه الخبرات نتيجة اتصاله بالعالم الخارجي وهو مزود بقدرات واستعدادات تساعد على اكتساب هذه الخبرات. وإنما هذه الاستعدادات والقدرات تنمو وفقاً لمرحلة النمو التي يمر بها الطفل. 

لذلك فإن من أهم وظائف المدرسة هو تبسيط الخبرات التي تقدمها للطفل. وذلك من خلال تجزئة مكونات هذه الخبرات، ثم ترتيب هذه الخبرات ترتيباً منطقياً يتدرج مع تدرج مراحل نمو الطفل، فيبدأ من البسيط إلى المعقد ومن السهل إلى الصعب، وتبدو أهمية المدرسة في القيام بتلك الوظيفة في أن المدرسة تعامل الفرد في مراحل نموه المختلفة، لذلك فإن الخبرات التي تقدمها المدرسة الابتدائية تتسم بالبساطة والسهولة، وتختلف عن الخبرات التي تقدمها المدرسة الاعدادية وعن المدرسة الثانوية وعن المؤسسات التعليمية الجامعية. وفيما يلي كيفية القيام بذلك من خلال عدد من البنود الهامة فيما يلي من هذا المقال.

التنشئة الاجتماعية

وهي العملية التي عن طريقها يتعلم الطفل الإنساني القيم والمعايير واللغة والاتجاهات الخاصة بالأسرة التي ولد فيها، والجماعات المتنوعة التي ينضم إلى عضويتها بالمجتمع وهي تعتبر عملية تعلم مستمر طوال مراحل عمر الفرد وعملية التنشئة الاجتماعية في أساسها عملية تعلم لأن الطفل يتعلم من خلالها عادات وأسلوب حياة أسرته وبيئته المباشرة ومجتمعه عامة. فالطفل بدأ تعلمه في المدرسة وقد قطع شوطاً في تنشئته الاجتماعية، فهو يدخل المدرسة مزوداً بكثير من المعايير والقيم والاتجاهات، والمدرسة بدورها قد تدعم هذه القيم والاتجاهات، وقد تدعم جوانب الضعف والقصور فهي قد تضيف وقد تعدل وقد تعيد تشكيلها، وقد تقوم ما أعوج منها. ومن خلال هذه التنشئة الاجتماعية يتم تبسيط المعلومات والعلوم والخبرات الحياتية للطلاب.

المدرسة وسيلة للتكيف الاجتماعي 

لاشك أن للمدرسة دوراً عظيماً في تسهيل سبل وعمليات التكيف الاجتماعي بين أفراد المجتمع الصغير. ويمكننا أن نستدل على مدى نجاح أو فشل المدرسة في تحقيق التكيف الاجتماعي بواسطة العائد من خريجي المدارس بمراحلها المختلفة ومقارنته بسلوكياتهم وعاداتهم وقيمهم قبل وبعد دخول تلك المراحل الدراسية. وهذا التكيف هو ما يثبت استيعاب الطلاب للتبسيط الذي قامت به المدرسة للخبرات والمعارف من أجلهم من عدمه.

المدرسة وسيلة للضبط الاجتماعي:

حيث نجد أن فكرة الضبط تنبع من المبدأ البسيط القائل بأن كل حياة اجتماعية ترتكز بالضرورة على شئ من التنظيم، وأن كل تنظيم يتضمن بالضرورة نوعاً من الضبط.

وهذا الضبط يعد أمراً ضرورياً لبناء المجتمع وإلا تحول إلى حالة من الفوضى لو ترك كل فرد من افراده أن يفعل ما يشاء دون قيود تنظيم هذا السلوك، وتستطيع المدرسة أن تقوم بهذه الوظيفة من ناحيتين:

الأولى منها: عن طريق تعليم الأبناء القيم والمعايير السلوكية. ومن خلال استدماج هذه المعايير واستدخالها في التلاميذ يمكن من ضبط سلوكهم، وفي هذه الحالة يصبح الضبط من الداخل. وطبعا هذا يتم بتبسيط الخبرات التي يتم تعليمها للتلاميذ من أجل هذا الأمر.

ومن ناحية أخرى: عن طريق استخدام المدرسة للسلطة وما يتضمنها من استخدام الثواب والعقاب وأساليب التحفيز الايجابية منها والسلبية يمكن ضبط سلوك التلاميذ بحيث يصبح هذا السلوك مقبولاً اجتماعياً.

والضبط الذي تمارسه المدرسة على التلاميذ لا يقتصر أثره على سلوك هؤلاء التلاميذ في المدرسة بل الهدف البعيد هو ضبط سلوكهم أيضاً خارج المدرسة في الحاضر والمستقبل فاحترام القوانين والنظام العام توضع بذورها الأولى بصورة منتظمة في المدرسة. وبذلك يكون تبسيط المعارف والقدرات والخبرات قد أتى بثماره بشكل عملي من خلال الضبط الاجتماعي.

حفظ واستمرار التراث الثقافي للمجتمع

المجتمع باعتباره ظاهرة ثقافية يعتمد أساساً على حفظ واستمرار التراث الثقافي للمجتمع وذلك عن طريق نقل هذا التراث من جيل إلى جيل آخر. وتعتبر المدرسة من المنظمات الرئيسية التي يقع على كاهلها تسجيل تراث الأجيال السابقة وما يتضمن هذا التراث من ثقافة وآمال وأراء وقيم ومعاني من الكبار الراشدين الذين ينتهي وجودهم المادي مهما طال بهم الزمن والحفاظ عليها لنقلها إلى الأجيال اللاحقة، باعتبارها عملية اجتماعية.

والمدرسة عند قيامها بهذه الوظيفة فهي لا تقوم بها على شكل النقل الآلى لهذا التراث، لكن نظراً لأن هذا التراث قد يتضمن عناصر غير مرغوب فيها، لذلك فعلى المدرسة تقع مسئولية تصفية هذا التراث وتنقيته بعد عملية فرز دقيقة واستبعاد العناصر الثقافية غير المرغوبة، والإبقاء على العناصر المرغوب فيها فقط ثم نقلها إلى الأجيال التالية. وهذه العملية لن تتم بشكل جيد إلا من خلال تبسيط هذا التراث داخل المنهج المدرسي بكافة أنواعه.

 

شارك المقالة