الحكايات التي تعتمد على التراث الشعبي تعد من الحكايات التعليمية المميزة لمختلف الطلاب. حيث إنها تحتوي على مجموعة من الأفكار والقيم التي يمكن تمريرها لعقول الطلاب بأسلوب سلس وجذاب. ومن هذه الحكايات تلك الحكاية التي سوف نتحدث عنها الآن وعنوانها أكواز الصنوبر الفضية. وهي من التراث الألماني.
الحكاية
في إحدى القرى الألمانية كان هناك عامل منجم يعيش في كوخ مع زوجته وأطفاله السبع، ولكنه كان طريح الفراش، يعاني من مرض شديد. ومع مرور الأيام خلا البيت من الطعام وخشب المدفأة، فعزمت زوجته على الخروج وأخبرت زوجها أنها ستذهب لغابة الصنوبر الكبيرة على تلة هبنشنستين لتجمع أكواز الصنوبر وقالت له: "لعلني أستطيع اشعال الموقد بواسطتها وبيع الباقي لنشتري بعضا من اللحم".
أخذت الزوجة سلة كبيرة وانطلقت لتسلق التلة متوجهة لغابة الصنوبر الكبيرة، وبينما هي تجمع أكواز الصنوبر المتناثرة أخذت تفكر بظروفها وما تمر به من أوقات صعبة فجلست أسفل شجرة تبكي بحرقة.
"ماذا بك ؟ ولماذا تسرقين أكواز الصنوبر خاصتي من على الأرض ؟" سمعت الزوجة هذه الكلمات تأتي من جانب أذنها لتفزع فزعا شديدا، وإذ به قزم عابس ذو لحية بيضاء يقف بجانبها، جثت الزوجة على ركبتيها لتعتذر منه فلم تقصد السرقة، وحكت له قصتها الحزينة. تغيرت ملامح القزم العابسة لترتسم ملامح الطيبة.
"قفي أيتها المرأة الطيبة، جميعنا نمر بالأوقات الصعبة، ولكن عليك الآن ترك أكواز الصنوبر خاصتي، والذهاب إلى الغابة المجاورة ففيها أكواز صنوبر ستحبينها أكثر".
أعادت المرأة أكواز الصنوبر وشكرت القزم وانطلقت إلى الغابة المجاورة البعيدة، وعند وصولها كانت متعبة جدا، فوضعت سلتها بجانبها واستقلت تحت شجرة، وسرعان ما سقطت أكواز صنوبر لتملأ سلتها، فانتابها الهلع وأخذت سلتها وركضت متجهة للمنزل، وفي طريقها أخذت السلة تتثاقل وأصبح حملها صعب، حتى أنها سقطت منها عند وصولها لباب المنزل وتناثرت أكواز الصنوبر في كل مكان، ولحظتها أدركت الزوجة سبب ثقل السلة، لقد تحولت أكواز الصنوبر إلى الفضة الخالصة ! أسرعت الزوجة إلى السوق لتبيع بعض من الأكواز الفضية وتشتري احتياجات أسرتها.
وحكت الزوجة لزوجها ما حدث لها، فأخبرها بأن الذي قابلته هو ملك الأقزام "غوبتش"، فأصرت على شكره، وبالفعل رجعت للغابة ووجدته أسفل تلك الشجرة التي جلست تحتها، فشكرته على مساعدته لها. فقال لها: "أيتها المرأة الطيبة، سعدت بخدمتك ومساعدتك" ثم انحنى والتقط نبتة من الأرض، وأكمل "خذيها وأغلي أوراقها وعندما يتحول لون الماء للأخضر ليشربه زوجك" واختفى القزم بعدها.
في البيت، أعدت الزوجة لزوجها شراب النبتة، فدبت العافية في جسده، وقفز فرحا خارج الفراش، والتمت العائلة حوله فرحين شاكرين. ومنذ ذلك الحين لم ينقصهم مال، وعاشوا برخاء وسعادة، محتفظين بأكواز فضية كتذكار من ملك الأقزام.
أصل الحكاية
تعتبر هذه الحكاية من الحكايات الشعبية الألمانية المرتبطة بموسم أعياد الميلاد، حيث يعتاد الناس تزيين شجرة عيد الميلاد أو مدفأة المنزل بأكواز صنوبر فضية أو يضعونها حتى في خزائن الملابس لاعتقادهم بأنها تجلب الحظ الجيد. وهذه الحكاية تحكى للأجيال المتعاقبة لأنها باعثة للأمل والتفاؤل، ومفادها أن كل الأمور المحزنة ستزول وستحل وستتغير إلى الأفضل.
ذكرت هذه القصة في كتاب "خرافات وأساطير الزهور والأشجار والنباتات في جميع العصور والأزمان" للكاتب تشارلز مونتغمري سكينر الذي نشر عام 1911، وكتاب "الانقلاب الأخضر: تاريخ وأصول شجرة الكريسماس وقصصها الفلكلورية" لشيرل آن كاراس.
مغزى الحكاية
هذه الحكاية نأخذ منها عبرا وحكما مهمة منها:
- تأتي الظروف السيئة وتذهب وكلنا معرضون لها، ولكن علينا ألا نيأس وألا نستسلم.
- دائما هناك فرح بعد الشدة والصبر.
- علينا أن نتحلى بالأمل دائما في مواجهة الحياة.
- في الحياة مواقف ولحظات ليس لك خيار فيها إلا أن تكون قويا.
- ثق بالله، وبنفسك، وبقدرتك على تجاوز الصعوبات وتخطيها، وأعلم بأنك ستكون أقوى بعدها.
لحظة.... ماذا لو؟
- هربت الزوجة وركضت بعيدا عندما رأت القزم؟
- لم يكن هناك غابة مجاورة، والقزم كان شريرا وكذب على الزوجة بشأنها؟
- وجدت المرأة أكواز صنوبر عادية؟ هل كانت لتبيعها بثمن يكفيها لشراء الطعام؟
- لم يعط القزم المرأة دواء لزوجها؟ هل كانت ستبحث عن دواء له؟
- كانت المرأة هي المريضة، فهل سيذهب زوجها للغابة لجمع أكواز الصنوبر؟ والقزم ليعطيه أكوازا فضية؟