صلاة المسافر في الإسلام

محمد ناصر ‏2024-01-15, 18:18 مساء 247
صلاة المسافر في الإسلام

صلاة المسافر في الإسلام

ونتحدث عن صلاة المسافر في نقطتين :

  • الأولى : قصر الصلاة الرباعية.
  • والثانية : الجمع بين الصلاتين.
  •  

أولا : قصر الصلاة الرباعية

وهو أن تؤدي الصلاة الرباعية كالظهر والعصر والعشاء ركعتين بدلا من أربع

ما الدليل على مشروعية القصر؟

قوله تعالى " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ".

والذي يظهر من نص الآية أن القصر يكون في حالة الخوف فقط ولكن القصر جائز سواء في حالة الخوف أو الأمن.

لكن الواضح من النص أن القصر يكون في حالة الخوف فقط.

نقول : أنه في الحالتين معا الخوف والأمن لكن نص على حالة الخوف فقط لتقرير الحالة الواقعة لأن غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم لم تخل منه.

ما دليل القصر في حالة الأمن؟

ما روي عن يعلي بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : ما لنا نقصر وقد أمنا؟ فقال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " رواه مسلم.

ومن أدلة القصر أيضا ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان كذلك ".

هل المسافر ملزم شرعا بالقصر أم أنه مخير بينه وبين الإتمام؟ وأيهما أفضل؟

نجد للعلماء أقوالا ثلاثة :

  • القول الأول : يرى الحنفية أن القصر واجب أي عزيمة وفرض المسافر في كل صلاة رباعية ركعتان لا تجوز له الزيادة عليهما.
  • القول الثاني : يرى المالكية – في المشهور الراجح عندهم – أن القصر سنة مؤكدة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
  • القول الثالث : يرى الشافعية والحنابلة : أن القصر رخصة على سبيل التخيير فللمسافر أن يتم أو يقصر والقصر أفضل من الإتمام مطلقا عند الحنابلة والشافعية.

القول الراجح : هو القول الثالث لأن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا بعيب بعضهم على بعض.

ويقول الرسول الكريم : " إن الله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتي عزائمه ".

ما المسافة التي يجوز للمسافر فيها أن يقصر الصلاة؟

هي مسافة تساوي ثمانين كيلو ونصف ومائة وأربعين مترا مسيرة يوم وليلة بسير الإبل المحملة بالأثقال سيرا معتادا.

ويجوز القصر حتى لو قطع هذه المسافة في بضع دقائق كما إذا كان مسافرا بالطائرة ونحوها.

ما شروط صحة القصر؟

  • أن تتعلق بذمته في السفر ويؤديها أيضا في السفر.
  • أما الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يسافر ثم سافر قبل أن يصليها فلا يجوز أن يصليها قصرا لأنه لم يكن مسافرا حين وجبت عليه وتعلقت بذمته.
  • أن يتجاوز المسافر عمران المدينة التي سافر منها فالسفر إنما يبدأ من لحظة تجاوز العمران أو سور البلد أو أشجارها ونحو ذلك.
  • ألا ينوي المسافر إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والرجوع في المكان الذي يسافر إليه فإذا نوى ذلك أصبحت البلدة التي يسافر إليها في حكم موطنه ومحل إقامته فلا يجوز له القصر فيها ويبقى له حق القصر في الطريق فقط.

سافر شخص للعلاج مثلا أو لقضاء مصلحة ولا يعلم مدة بقائه في المكان الذي سافر إليه هل يجوز له القصر؟

في هذه الحالة يقصر إلى ثمانية عشر يوما غير يومي دخوله وخروجه بدليل ما رواه أبو داود عن عمران بن حصين قال : " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلى إلا ركعتين ". وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يعلم المدة التي سيضطر لبقائها.

  • من شروط صحة القصر أيضا : ألا يقتدي بمقيم فإن اقتدى به وجب عليه أن يتم ولم يجز له القصر بخلاف ما إذا أم المسافر المقيمين فله أن يقصر.
  • أن يكون السفر مباحا غير محرم أو محظور كالسفر للسرقة أو لقطع الطريق ونحو ذلك هذا في رأي الجمهور غير الحنفية.
  • ويرى الحنفية أنه يجوز القصر في السفر المحرم والمكروه والمباح متى جاوز بيوت محل إقامته.
  • ونرى أن مذهب الجمهور هو الراجح لأنه كيف يستفيد العاصي لسفره من تلك الصدقه التي تصدق الله بها على عباده.
  • وأيضا لا بد من نية السفر.

كيف يقضي المسلم الصلاة الفائتة في السفر؟

  • من فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين كما فاتته في السفر.
  • ومن فاتته صلاة في الحضر فضاها في السفر أربعا لأن القضاء يكون بحسب الأداء.

ثانيا : الجمع بين الصلاتين

هو أن يجمع المصلى بين الظهر والعصر تقديما في وقت الظهر بأن يصلى العصر مع الظهر قبل حلول وقت العصر أو يجمع بينهما تأخيرا بأن يؤخر الظهر حتى يخرج وقته ويصليه مع العصر في وقت العصر ومثل الظهر والعصر المغرب والعشاء فيجمع بينهما تقديما وتأخيرا.

ولا يجوز للمكلف أن يؤخر فرضا عن وقته أو يقدمه بدون سبب من الأسباب التي سوف نذكرها بعد قليل لأن الصلاة لها وقت محدد قال تعالى : " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ".

ما حكم الجمع بين الصلاتين؟

الجمع بين الصلاتين جائز بدليل ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء ".

ومعنى " على ظهر سير " أي إذا كان مسافرا.

هذا على رأي جمهور الفقهاء غير الحنفية.

ولكن هل يجوز الجمع بين الصلاتين عند الحنفية؟

لا يجوز الجمع بين الصلاتين عندهم إلا في يوم عرفة للمحرم بالحج جمع تقديم بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين لأن العصر يؤدي قبل وفاته المعلوم فيفرد بالإقامة إعلاما للناس.

وفي ليلة المزدلفة جمع تأخير بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامة واحدة لأن العشاء في وقتها فلم تحتج للإعلام.

والراجح هو جواز الجمع بين الصلاتين في كل الأحوال لثبوته بالسنة والسنة مصدر تشريعي كالقرآن.

شروط السفر الذي يباح فيه الجمع والقصر :

  • أن تبلغ المسافة 81 كيلو متر فصاعدا.
  • أن يكون السفر إلى جهة محددة فلا يعتد بسفر رجل هائم على وجهه ليست له وجهة معينة.
  • لا بد أن يكون السفر سفر طاعة كما قلنا.

هل يجوز الجمع بين الصلاتين في المطر؟

يجوز الجمع تقديما، ولا يجوز تأخيرا :

  • فيجوز الجمع بين الصلاتين تقديما الظهر والعصر في وقت الظهر والمغرب والعشاء في وقت المغرب لفعله صلى الله عليه وسلم.
  • لكن لا يجوز الجمع تأخيرا أي في وقت الثانية لأنه قد ينقطع المطر فيكون أخرج الصلاة عن وقتها بغير عذر.

مثال ذلك : لو كان الجو غائما يدل على سقوط المطر لكنه لم يسقط بعد فلا يؤخر المغرب إلى العشاء ويؤديه جمعا في وقت العشاء لأن المطر قد لا يسقط في وقت العشاء فيكون بذلك قد أخر صلاة المغرب بدون عذر فالصلاة لها وقت محدد كما قلنا.

ما شرط جمع التقديم؟

  • نية الجمع أي أن ينوي جمع التقديم في أول الصلاة الأولى وتجوز في أثنائها في الأظهر ولو مع السلام منها.
  • أيضا يشترط الترتيب حيث يبدأ بالصلاة الأولى صاحبة الوقت أي يقدم الصلاة الأولى ثم يصلي الثانية.
  • أيضا يشترط الموالاة أي التتابع بأن لا يفصل بينهما فاصل طويل لأن الجمع يجعلها كصلاة واحدة فإن فصل بينهما بفصل طويل ولو بعذر كسهو وإغماء بطل الجمع ووجب تأخير الصلاة الثانية إلى وقتها لفوات شرط الجمع.

شارك المقالة