التأخر الدراسي يعد من المشكلات الشائعة خاصة في المراحل التعليمية الأولى حيث تسبب للآباء والمعلمين قلقاً بالغاً وخوف وتشير الدراسات إلى تداخل وتشابك العوامل المسببة للتأخر الدراسي فانخفاض نسبة الذكاء العام عن المتوسط قد تعتبر السبب الأساسي لدى الكثيرين، كما أن الحرمان الثقافي والاجتماعي والاضطراب الانفعالي تعتبر أسباباً رئيسية للتأخر.
وينبغي أن يلاحظ أن المتأخرين دراسياً لأسباب اجتماعية أو ثقافية أو انفعالية يختلفون في خصائصهم العقلية وغيرها عن المتأخرين بسبب انخفاض نسبة ذكائهم عن المتوسط وقد يكون التأخر الدراسي نتيجة لأمرين معاً، أي قد تجتمع العوامل الاجتماعية والثقافية والانفعالية مع انخفاض نسبة الذكاء العام عن المتوسط وبناء عليه فالتأخر يمكن أن يكون خلقياً ويمكن أن يكون وظيفياً. كما يمكن أن يكون خلقياً ووظيفياً في نفس الوقت. ويتضح مما سبق أن هناك أنواعاً متعددة من التأخر الدراسي. وسوف نعرض بإيجاز لهـا فيما یلي:
التأخر الدراسي الخلقي
أسبابه تعود إلى قصور في النمو أو خطأ في التكوين البيولوجي للمخ أدى على انخفاض مستوى الذكاء فيما دون المتوسط وتفيد الدراسات أنه لا أمل في إصلاح الخطأ أو القصور الذي أدى إلى التأخر الخلقي وبالتالي فإنه لا يوجد أمل كبير في زيادة نسبة ذكاء هذا النوع من المتأخرين، ولكن هناك شبه إجماع بين الباحثين على الممكن رفع كفايتهم التحصيلية، وزيادة فاعلية استعدادهم المحدود عن طريق خلق الدوافع وتغير الاتجاهات السلبية وتخليص المتأخرين خلقيـاً مـن الإعاقات الوظيفية الأخرى التي قد تسببها المشاعر المؤلمة التي يعانيها هؤلاء التلاميذ ويقرر بلوم ومواري أن بعض المتأخرين خلقياً قد يعانون أيضاً من التأخر الوظيفي بمعنى بالإضافة إلى انخفاض نسبة ذكائهم العام عن المتوسط فإنهم يعانون من المعوقات الاجتماعية أو الانفعالية أو التربوية التي تهبط بمستوى تحصيلهم عن الحد الذي يتفق مع ذكائهم المحدود.
كما أن مستوى التحصيل لهؤلاء التلاميذ يقل عن أقرانهم العاديين في نفس الصف بحوالي عامين وخاصة في مادتي القراءة والحساب، ويعلل الباحثان ذلك بالخصائص العقلية التي يتصف بها هؤلاء التلاميذ وأهمها ما يلي: العجز عن إدراك المجردات أو الاحتفاظ بالتجارب والخبرات المتعلمة لفترة طويلة، وقصر الذاكرة وعدم القدرة على التركيز لمدة طويلة 100% ويؤدى كل ذلك إلى خلق مشكلات داخل الفصل وخارجه، فكثيراً ما تدفع المشاعر الانفعالية المترتبة على هذا التأخر التلميذ إلى محاولة جذب الانتباه إلى نفسه بأساليب تضايق المدرس أو تعرقل سير الدرس. وقد سجلت الملاحظات التي قام بها الباحثون لهذه المجموعة ألواناً من السلوك السلبي الذي يعتبر في أساسه تنفيساً عما يشعرون به أو تعويضاً لما يعانونه، ولكنه في نفس الوقت يسبب مشكلات للمدرسين والدارسين. ومن مظاهر هذا السلوك ما يلي:
أ- إصدار حركات أو أصوات أو عبارات تثير الضحك وتجذب الانتباه.
ب- التناوم وعدم الالتفات للدرس.
ج- الإهمال العام وسوء المظهر والخروج على تعاليم المدرسة ونظمها.
د- العدوان بالسرقة أو بضرب التلاميذ الآخرين.
هـ- العدوان على المدرسة وأثاثها بالتخريب أو التشويه.
و- الهروب من المدرسة ثم الانقطاع عن الدراسة.
ز- الانطواء والانعزال وخاصة إذا قوبـل سـلوكه العدواني بالعنف من المدرسة أو الأسرة.
مقالات ذات صلة
التأخر الدراسي الوظيفي
هناك حالات كثيرة من التأخر لا ترجع في أسبابها إلى انخفاض نسبة الذكاء العام عن المتوسط، ولكنها ترجع إلى أسباب اجتماعية أو انفعالية أو تربوية تعوق التلميذ وتهبط بتحصيله عن المستوى الذي يتفق مع قدراته العقلية أو مع ذكائه العام، وهذه الحالات يطلق عليها حالات من المتأخرين خلقياً حيث إنه يمكن علاج التأخر الوظيفي وذلك بإزالة الأسباب التي أدت إليه ومحاولة الارتفاع بمستوى الأداء والتحصيل إلى ما يتفق مع المستوى الفعلي للذكاء.
ويمكن تصنيف المتأخرين وظيفياً على النحو التالي:
أ-المعوقون اجتماعياً:
ويطلق عليهم أحياناً المحرمون ثقافياً وأحياناً المحرمون تربوياً ويندرج تحت هذا العنوان أنواع مختلفة من التأخر. فقد يقصد بالمعوقين اجتماعياً ذلك النفر من الأطفال الذين يعيشون في مستوى اجتماعي وثقافي منخفض سواء في البيئات الريفية أو في الأحياء الفقيرة. ويعاني مثل هؤلاء الأطفال من فقر في الخبرات والتجارب يجعلهم غير مستعدين لبدء العملية التربوية أو ناضجين إلى الحد الذي تتطلبه هذه العملية، وغالباً ما يكون الآباء والأمهات في مثل هذه الحالات من الأميين الذين لا توجد لديهم اتجاهات إيجابية نحو المدرسة أو نحو التعليم بصفة عامة، فتقدم المدرسة لهـم تجارب جديدة لم يسبق لهم الفشل فيها بشرط أن يكون نجاحهم في تلك التجارب مضموناً.
ب- المضطربون انفعالياً:
يؤدى الاضطراب الانفعالي في كثير من الأحيان إلى التأخر الدراسي كما يكون نتيجة له. وقد يكون التأخر والاضطراب الانفعالي معاً نتيجة لأسباب أخرى اجتماعية أو جسمية كما مرت الإشارة إليه. ولعل أهم أسباب الاضطراب الانفعالي ترجع على سوء العلاقة بين الطفل ووالديه وإلى اضطراب الأسرة وتصدعها وتفيد الدراسات المتعددة أن العلاقة الطبيعية بين الطفل وأبويه وكذلك التفاعل الديناميكي بين جميع أفراد الأسرة يلعب دوراً هاماً في النمو الانفعالي للطفل.
كما أن سوء العلاقة أو انعدام التفاعل أو الحرمان من الأبوين أو من أحدهما وخاصة الأم في سنى التكوين الأولى أو وجود الخلافات والاضطرابات المستمرة كل ذلك يلعب دوراً هاماً في حياة الطفل الانفعالية وقد يؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل أو إلى التأخر الدراسي ويتلخص هذا الاضطراب كما يلي:
1- تظهر المشكلات الانفعالية بوضوح بين الأطفال الذين هم أكبر سناً من زملائهم في نفس الصف الدراسي. وهذا يؤكد أن بقاء أو تخلف التلميذ في الصف الدراسي لأكثر من عام يؤدى إلى الإعاقة الانفعالية.
2- ترتفع نسبة سوء التكيف بين المتأخرين دراسياً عنها بين العاديين وذلك لما يصاحب التأخر الدراسي من اضطراب انفعالي.
3- هناك علاقة بين انخفاض مستوى التحصيل وبين سوء التكيف.
4- قد يرجع الاضطراب الانفعالي وسوء التكيف إلى سوء علاقة التلميذ بالمدرسة أو المدرسين وليس إلى اضطراب الأسرة وعدم استقرارها.