بإستطاعتك تحاشي الإضطرابات الهضمية التي تزداد وتشتد مع تقدم السن، وهذه الإضطرابات تنجم، بصورة عامة، عن نظام غذائي غير ملائم، وعلى وجه التحديد، عن نقص في إنتاج الطاقة، الأمر الذي يؤدي إلى بطء وربما توقف كامل، لتقبضات المعدة وجهاز الهضم كله. ومعروف أن للتقبضات في المعدة والأمعاء وظيفة ضرورية لإكمال عملية الهضم على شكلها الطبيعي.
-----
فإذا حدث بطء بقي الطعام غير ممزوج تماما بالعصارة المعوية والخمائر الأخرى، وكتلة الطعام الغير المهضوم جيدا لا يتم إتصالها بالجدران الماصة للجهاز الهضمي حيث من المفروض أن تنتقل إلى الدورة الدموية.
إن الطعام غير المهضوم بصورة كاملة والذي لم تستطع الجدران الماصة إستيعابه، يتحول إلى بؤرة حقيقة لزراعة البكتيريا وتكاثرها. وهذا التكاثر البكتيري هو الذي يورث صاحبه رائحة الفم القبيحة ( النفس النتن ) وإنتفاخ البطن والغازات.
-----
والواقع أن أي نقص في الكمية المناسبة من البروتين يسبب إضطرابات هضمية، والخمائر الضرورية للهضم إنما تتكون من البروتينات التي تحتوي على جميع الأحماض الأمينية، يعجز الجسم عن صنع الخمائر، هذا، ونقص البروتين يؤدي أيضا إلى إسترخاء العضلات المحيطة بالجهاز الهضمي فتغدو أشبه بأربطة مطاطية مرتخية، فينتج عن ذلك عدم إستطاعة الجهاز الهضمي القيام بوظيفته على الوجه الأكمل.
وهذا ما يزيد من كمية الأغذية غير المهضومة التي تشكل بؤرة لنمو البكتيريا كما ذكرنا.
-----
إن الأشخاص الذين تفرز معدهم مواد حمضية وافرة يكون حظهم أكبر بالعيش طويلا. وفق دراسة قام بها بعض أطباء مصحة " مايو " الشهيرة وقد تبين أن الإفرازات الحمضية تكون طبيعية عندما يأخذ الجسم حاجته المناسبة من الفيتامينات " ب " .
-----
هذا الإكتشاف هو برسم أولئك الذين يكثرون من شرب السوائل القلوية كماء " سيلتز ".
نستنتج من كل ذلك أن من الأولويات الحفاظ على الإفرازات الحمضية في المعدة . فهذه الأحماض هي التي تصد أخطر البكتيريات، وتحول دون غزوها لجهاز الهضم. فلا تصدع خط الدفاع الأول هذا ، بإفراطك في تناول المشروبات القلوية، وأعلم أن معدة موفورة الحموضة شرط لا غنى عنه لحياة طويلة وسليمة من الأمراض.
------
أما إذا كانت معدتك " غير حمضية " أو كانت الإفرازات الحمضية فيها غير كافية، فأطلب من طبيبك أن يصف لك شرابا من " السيد كلورد ريك " تتناوله قبل كل وجبة.
وأما إذا كان هضمك طبيعيا فإن أفضل وسيلة هي أن تبدأ وجباتك بتناول السلطة المشبعة بحمض الليمون و الزيت والملح النباتي مع قليل من البصل والثوم، ففي أوروبا يشربون النبيذ مع الطعام لتسهيل عملية الهضم وفي أمريكا يتناولون كأسا من عصير الليمون الهندي كمقبل، والطريقتان لا بأس بهما للتعويض عن نقص محتمل في أحماض المعدة كما أنهما تزودانك بكميات من الفيتامين والمواد المعدنية.
------
وحتى الأشخاص الذين يشكون من فرط الإفرازات الحمضية لا ينبغي لهم معالجة هذه الحالة بتناول المشروبات القلوية، فهذه الطريقة لا تجلب لهم أي نفع بل الضرر، والواقع أنه يترتب على هؤلاء الأشخاص إدخال تغيير على نظامهم الغذائي بحيث يزيدون من المواد البروتينية التي تحتوي الحد الأعلى من الفيتامينات " ب ".
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يكفي أن يعرف أناس ماذا يأكلون بل كيف يأكلون .. وما هذا بالأمر العسير : ليأكلوا متمهلين، بلا إضطراب ، وليمضغوا جيدا قبل البلع.
فالواقع أن كثيرا من الإضطرابات الهضمية تنجم عن الأكل بسرعة، أو عندما يكون المرء في حالة توتر عصبي . وعندما يأكل المرء بسرعة يهمل مضغ الطعام جيدا ويبتلعه مع كميات كبيرة من الهواء الذي لا يلبث أن يزداد حجما بعد وصوله إلى المعدة من جراء إنتقال حرارة الجسم إليه فيتمدد. وهكذا يصاب الإنسان بالنفخة والغازات و الإمساك.
-----
ويحدث أن يفقد الإنسان عددا من أسنانه، أو أن تكون أسنانه الصناعية سيئة التركيب، فيصعب عليه المضغ الجيد، وفي مثل هذه الحالات يستحسن تناول أطعمة غير صلبة . وأن يكثر من الفاكهة والخضار ذات الألياف بعد طهوها جيدا وسحقها، وأفضل من كل ذلك طبعا هو الإكثار من شرب العصير، وتناول الحساء الذي لا يحتاج إلى مضغ.
وليس لنا أن ننسى أبدا أن الطعام الذي لا يمضغ جيدا، أو يبتلع بسرعة، يصل إلى المعدة على شكل قطع كبيرة جدا بحيث تعجز الخمائر عن القيام بعملها على الوجه الأكمل مع هذه القطع الكبيرة، وابتلاعك لغذاءك على هذه الصورة يجلب لك الإضطرابات الهضمية حتما.
------
وأمر آخر لا يقل أهمية : تجنب إرهاق معدتك بحشوها بكميات كبيرة من الأطعمة في وقت واحد، وذلك كي تساعد الخمائر- وهي قليلة العدد نسبيا – على القيام بعملها على وجهه الأكمل.
أما إذا دهمتك إضطرابات هضمية شديدة فلتكن وجباتك خفيفة غنية بالبروتينات و الفيتامينات " ب ". وأنصح، بصورة خاصة، بالحساء والمشروبات اللبنية، وباللبن الرائب، و بخميرة البيرة المذابة بعصير الفاكهة، وأخيرا الكبد المشوي، وبإمكانك أيضا أخذ أقراص تحتوي على الخمائر الهضمية مع كل وجبة إلى أن يعود هضمك إلى حالته الطبيعية.