حل اختبار التجريبي المادة اللغة العربية الصف ثاني عشر نهاية الفصل الاول
دليل تقدير الدرجات
الاختبار التجريبي
الصف الثاني عشر- مادَّةُ اللُّغةِ العربيَّةِ
نهاية الفصل الدراسي الأول
للعام الدراسي 2022-2023
مَسَارُ الآدابِ وَالْإِنْسَانِيَّاتِ)
النَّصُّ الثاني اقْرَأ النَّصَّ الآتي، ثُمَّ أَجِبْ عَنِ السّؤالَينِ (7) و (8):
1- ما قيمة الحياة إذا اقتصرت على الماديات، وحصرت نفسها في الخُبز والملح، ومضاعفاتهما؟!
مقالات ذات صلة
بل ما قيمة الحياة إذا لم تعبأ بجمال زَهْرَةٍ أو تألق نجم أ أو شدو
يمام؟! وما قيمتها إذا لمْ يَنْبِضُ قلبُها بحتِ الجمال في أشكاله وصوره جميعها؟!
2- إن الحياة الحقيقية هي ما تجاوبَتْ مع العناصر المكوّنة للإنسان مع جسمه بتغذيته، وعقله بتطويره وترقيته، وعاطفته بتزويدها بالجمال؛ لتنمو وتَنْعُمَ، والإنسانُ مُذْ خُلِقَ، مَدَّ خيوطا بينَ الطَّبيعة وقلبه، فشعر بجمالِ السَّماءِ والأرض والطيور والأزهار ، وشروق الشمس وغروبها، وإن حال بينه وبين الاستمتاع بها أحيانًا حاجتة | المُلِحَّةُ إلى القُوتِ، ومشاقُ الدُّنيا وصعابها عاد ليتلمَّس جمالها، فالعاطفة ورقة | الشعور والإحساس بالجمال قوام الحياة.
3- كم في الكون من جمال ولكنَّه يحتاج إلى عين تُبصرُهُ ، ومشاعرَ تُدرِكُهُ، إِنَّ كثيرًا مِنَ النَّاسِ لهم عيون لا يبصرون بها إلا ما يأكلون ويشربون ويدَّخِرُونَ، وقليل منهم الَّذينَ دَقَّ بصرُهُمْ وصَفَتْ أرواحُهُمْ ، فرَأَوْا جمال العالم المتجدّد في الحقول والزهور والسَّماءِ والنُّجوم، والبحار والأنهار ، والجبال والأحجار ، وقل أن يكون شيء في الوجودِ لا جمال فيه، وإنَّما يحتاجُ إلى عين تبصرُهُ وذوقٍ يُدْرِكُهُ وقلبٍ يَلْقَفُهُ، وما أشقى مَنِ اقْتَصرَتْ حياته على المادّيَّاتِ فَلَمْ ير في البُستانِ إِلَّا زهرة تُشَمُّ أو ثمرة | تُؤكَلُ ولمْ يرَ في البحر إلَّا مَاءً مِلْحًا وسمكًا يُتغذَّى بهِ! إِنَّ هؤلاء وأمثالهم عُمي العيون، صُمَّ الآذانِ، غُلفُ القلوب (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (الغاشية: 17-20)
4- في كُلِ مَشْهَدِ منْ مظاهرِ الطَّبيعة جمال، وفي كُلِ شيءٍ تُقَلبُ فِيهِ نظرك جمال، ولِكُلِّ جمال ذوقه وطعمه كالفاكهة تختلف أشكالها وطعومُها، ولكل فاكهة جمال، فهذهِ القُبَّةُ السَّمَاوِيَّةُ الزَّرقاء جميلة ببهائها وسنائِها ولألاء نجومها، وهذهِ الشَّمسُ الجميلة القوية مصدر نورنا ونارنا، تُبخّرُ الماء وترفعة غيومًا في السَّماءِ فتَنْزِلُهُ أمطارًا - بإذنِ اللهِ تعالى- تُجري به بحارًا وأنهارًا يُسقى بهِ
الزرعُ فينمو ويهيج، والأزهار فتنضج وتتفتَّحُ، وهذا القمرُ الوديع اللطيف يبدو هلالا نحيلا، وينمو نموا متتابعا بديعًا ثم يعود كما بدأ، يلعبُ بالماء في مَدِهِ وجَزْرِهِ، وتلوينه. 5- وإذا نحن ردَدْنا الطَّرفَ مِنْ قُبَّةِ السَّماءِ إلى سطح الأرض وجدنا صنوفًا مِنَ الجمال لا تنتهي، فهذا الماء البديعُ ينسابُ في الجدول، ويتدفّق في النَّهرِ ، ويتموّج في البحر، ويكونُ فِضَّيَّا وَسَط | النَّهارِ، وذهبيًا في الأصيل، وله خريرٌ - في سريانِهِ وتدفُقِهِ وتموجِهِ - أجملُ مِنْ صوتِ النَّاي، وإذا مس أرضًا ملأها بالحياةِ مِنْ شتَّى الأنواع، وهوَ عَلى رِقَتِهِ يُفَيَّتُ الصُّحُورَ ويُذيبُ الجِبَالَ،
وله في كُلِ نهرٍ وبحر وبحيرة تاريخ طويل، وهذه الصَّحراء الجرداء لها معانٍ مِنَ الجمال فاتنة، فهي واسعةً لا يبلغ الطَّرْفُ مداها تقرأ العين فيها معنى الأبدية والخلود، ويَنْعُمُ العقل فيها بمعنى الاستقرار، أمَّا الرَّبيعُ فَسَيّدُ الفصول الأربعةِ وعُنوان الجمال، فيهِ تدِبُّ الحياة في الأرض، فتفيق الأشجارُ مِن نومها، وتكتسي الأرضُ بعد غربها، وتتباهى الورود والأزاهير بألوانها وتتمايل على الأغصان، وتغرّدُ الأطيارُ ، فإذا كُلُّ شيء جميل لا ينقصُهُ إلا طَرْفٌ يُدرك جماله، وقلب ينبِضُ بحبه ولسان يهتِفُ : سُبحانَ خَالِقِهِ
أحمد أمين - فيض الخاطر (بتصرف)، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ج 8، ط 4، 1989
النص الثالث: اقْرأ القصَّةَ الآتية، ثُمَّ أَجِبْ عَنِ السَوْالَيْنِ (7) و(8):
حدث أحد الأصدقاء : بينما أنا في منزلي أرقب مغيب الشمس إذ دخل عليَّ صيَّادٌ يحمل في شبكته سمكة كبيرة، فعرضها علي ، فلم أساومة فيها بل نقدتُهُ الثَّمَنَ الَّذي |
أراد، فأخذه شاكرًا مُتهلّلًا، وقال: هذه هي المرة الأولى التي أخذتُ فيها الثَّمَنَ الَّذي اقترحته، أحسن الله إليك كما أحسنت إليَّ، وجعلك سعيدًا في نفسك، كما جعلك سعيدا في مالِكَ، فَسُررْتُ بهذهِ الدّعوة كثيرًا، وطمعْتُ في أن تتفتح لها أبواب السماء المنغلقة، وعجبت أن يهتدي شيخ عامي إلى معرفة حقيقة لا يعرفها إلا القليل، وهي | أن للسعادة النفسيّة شأنا غير سعادة المال، فابتسم ابتسامةً هادئة مؤثرة وقال: لو كانت السعادة سعادة المال لكنتُ أشقى النّاس؛ لأنّني أفقرُ النّاسِ، لكنني قانع برزقي، لا أحزن على فائت من العيش . قلتُ : كيف تعتبر نفسك سعيدًا، وأنتَ حافٍ عار إلا قليلا من الأسمال البالِيَةِ ؟ قال: إن كانت السعادة لذةَ النَّفس وراحتها وكان الشقاء ألمها وعناءها، فأنا سعيد، وإنْ كانت السعادة عندكم أمرًا وراء ذلك، فأنا لا
أفهمها إلا كذلك.
وإن كان لا بدَّ من إمتاع النظر بالمناظر الجميلة فحسبي أن أحمل شبكتي على عاتقي كلَّ مَطْلَعِ فجرٍ وأذهب بها إلى شاطئ النّهر، فأرى منظر السماء وقرص الشمس يطلعُ في الأفق كأنّهُ وشاحٌ من ذهب ولا أزال هكذا هائما في أحلامي، حتى إذا أخذت من السّمكِ كفاف 2 يومي عدتُ بهِ وبعثه في الأسواق، فإذا قضيت بالسعي | حق عيالي، وبالصّلاةِ حق ربي، نمث في فراشي نومةً هادئة مطمئنة، وما العالم إلا بحر زاخر، وما النّاسُ إلّا أسماكة المائجة فيه، وما رَيْبُ المَنونِ إلا صياد يحملُ شبكته كل يوم ويُلقيها في ذلك البحرِ فتُمسك ما تُمسك، وتترك ما تترك، وما ينجو
من شبكته اليوم لا ينجو منها غدًا، فكيف أغتبط بما لا أملك؟ إذن أنا أضلَّ النَّاسِ عقلا وأضعفهم إيمانًا.
قال المُتحدّثُ : فأكبرتُ الرّجل في نفسي كل الإكبار ، وحسدته على قناعته بسعادة نفسه، وقلتُ له: يا شيخ، إنَّ النّاسَ جميعًا يبكون على السعادة ويفتشون عنها فلا يجدونها فاستقر رأيهم على أنَّ الشَّقاء لازم الحياة لا ينفك عنها، فكيف تعد العالم سعيدًا وما هو إلا في شقاء؟
قال: لا يا سيدي، إنّ الإنسان سعيد بفطرتِهِ ، وإنّما هو يجلب إلى نفسِهِ الشَّقاءَ، فَمَنْ أراد السعادة فليطلبها بين جوانب النَّفْسِ الفاضلة وإلا فهو أشقى العالمين.
قال الصديق: فما وصل الصّياد من حديثه إلى هذا الحدّ حتّى نهض قائمًا وتناول عصاه، وقال: أستودعُك الله يا سيدي وأدعو لك الدّعوة التي أحببتها لنفسك وأحببتها لك، وهي أن يجعلك الله سعيدًا في نفسك، كما جعلك سعيدًا في مالك، والسلام عليكم
ورحمة الله.
ريب المنونِ: حَوادِثُ الدَّهْرِ وَمَصَائِبُهِ.
من قصة الصياد - مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي -الكاملة ص 153 دار الجيل - بيروت 1984م